لازالت صدى كلمات أبي جبور لي تشنف أذني، بنصائحه الجمة. كلما التقيته شعرت انني أمام أيقونة تاريخية وبوصلة حياتية، ارتوت من ماء وهواء هذه الأرض الخصبة، ليتردد صداها عميقًا وواسعًا في ذاكرتي.
ومما يبعثُ في نفسي عدة ذكريات جميلة وبالذات انني شاركت في عدة جاهات صلح وعدة أمسيات ولقاءات، كان المرحوم علمًا فيها ويرفع أسم شفاعمرو عاليًا بتواضعه وحنكته في سر ملح الحياة.
إن غياب أبي جبور لم يكن خسارة لعائلته وأقاربه ومعارفه فحسب، بل خسارة لكل الأسرة الشفاعمرية. كنت تقول لي: “قلمك ينبض بنور التسامح والتفاؤل وهذا ما يحتاجه مجتمعنا”. شهادة أعتز بها.
نعمَ المعلم أنت، كنت دُرةً لامعةً، وقامة شامخة، خُلقك دمث، قلبك طيب، معاملتك صادقة، عطاؤك وفير، لسانك عطرٌ فواح بالكلمات الطيبة هذا ما اكتسبته وتعلمته منك.
كنتُ أشعرُ مدى انحيازه لمدينته شفاعمرو، كان للمرحوم بصمات في العمل الإنساني والاجتماعي والعمل المتواصل الدؤوب والمتفاني في خدمة بلده وشعبه، حري بنا أن نتمسك بهذه التجربة من الشخصية المرموقة وأن نسير على دربها.
كان قاموسًا ومرجعًا لكل قصة لعائلات شفاعمرية، وعنوانًا لكل عربي في البلاد. ومن خلال الدائرة القصيرة معه عرفته إنسانًا ورمزًا في كل المستويات وصاحب قلم يحفر فيه التاريخ ورؤيته الإنسانية.
إن غزارة عطاء أبي جبور، ما زالت آثارها ومعالمها بارزة في حياة كل شفاعمري، عرف معنى الانتماء والصلح والخير، لا أبالغ أن حياته حصرها وصورها في مشهدٍ يشهد به بشهادة كل شفاعمري.
ما أبهرني بأبي جبور ترجمة تجربته في الحياة إلى أرض الواقع، تميزت بدماثة أخلاقه وتواضعه وتسامحه جعلته محبوبًا إلى القلوب.
وصدق جبران خليل جبران عندما قال: ” الذكرى نوع من أنواع اللقاء”، فنحن في كل لقاء فكري وتاريخي، نلتقي بك من خلال ذكراك العطرة وسيرتك الحسنة وخصالك الطيبة التي غرستها في مجتمعك.
رحمك الله، فأنت باقٍ فينا بكتبك وبمحبتك وحكمتك وأسرتك.