- “رحلتي مع الأمل” كتاب فريد من نوعه يحاكي واقع الاطفال مرضى السرطان ويخاطبهم من خلال قصص مستوحاة من رحلتهم مع الألم والأمل
* تطوّع لكتابة النصوص ثلاثة كتّاب محليين وزيّنته ثلاث رسامات بريشاتهن، وأشرفت على المشروع مهنيًا ولغويًا د. كوثر جابر قسّوم
في لقاء فريد من نوعه جمع بين العلم والطبّ واللغة العربية وأسمى مشاعر الإنسانيّة، احتفلت كلّية سخنين الاكاديمية لتأهيل المعلّمين بإشهار كتاب “رحلتي مع الأمل”، الذي تبّنته الكلّية كمشروع إنسانيّ من الدرجة الأولى بالتعاون مع جمعية “أشواق الربيع” التي تُعنى بالأطفال مرضى السرطان، ليقدّما عملًا مميّزًا وقيّمًا يُضاف الى مكتبة أدب الأطفال.
تطوّع لكتابة نصوص “رحلتي مع الأمل” ثلاثة كتّاب محليين، هم فاضل علي، ورِماز زريق حوراني، وغادة عيساوي، الذين أبدعوا بصياغة نصوص تحاكي الأطفال مرضى السرطان وواقعهم، فيما زيّنت ثلاث رسّامات الكتاب برسومات معبّرة تلامس مشاعر الأطفال، وهنّ مها أبو حسين، ونجاة عبد النبي، وراوية زيدان. ورافقت المشروع مهنيًا ولغويًا وأشرف عليه على مدار نحو عام من العمل الجاد د. كوثر جابر قسّوم، رئيس قسم اللغة العربيّة في كلّية سخنين.
افتتح الحفل وتولّى عرافته د. نسيم أسدي، مرحبًا بالحضور الكريم، وأشار الى أنّ “قسّم اللغة العربيّة في كلية سخنين اختار أن يكون اليوم الدراسيّ السنويّ له من خلال حفل اشهار هذا الكتاب، تزامنًا مع اليوم العالميّ للغة العربية، وهو ليس اختيارًا عبثيًّا، بل له دلالات ورسائل كثيرة، رسائل إنسانية وأكاديميّة وأخرى فيها فخر واعتزاز بلغتنا العربية”.
بعدها، ألقيت كلمات افتتاحية وترحيبية من قبل د. صفوت أبو ريّا، رئيس بلديّة سخنين، وبروفيسور فيصل عزايزة، رئيس كلّية سخنين، السيّد نزيه بدارنة، مدير عام الكلّية، د. كوثر جابر قسّوم، والسيّد جمال خطيب، الداعم والناطق الرسميّ لجمعيّة اشواق “الربيع”.
وأشار ب. عزايزة في كلمته إلى أنّه:”تبقى الحياة والشفاء دائمًا بيد الله سبحانه وتعالى، عملًا بقوله تعالى: “وإذا مرضتُ فهو يشفين” (سورة الشعراء، آية 80)، كما يبقى العلاج الطبّيّ ومتابعة تلقّيه من أهمّ المراحل التي ينبغي أن يخوضها الطفل مريض السرطان. لكن في ظلّ هذه المسيرة الشاقّة المحفوفة بالمخاطر والأمل، من واجبنا كأهل ومجتمع أن نعزز القوّة والصبر والتفاؤل في نفوس هؤلاء الأطفال. “.
وأضاف :”إنّنا مكلّفون بالمساهمة ولو بقدر بسيط في محاولات تذليل الصعوبات التي يمرّ بها أطفال مرضى السرطان ومنحهم حياة طبيعية وصحّيّة من الناحية النفسيّة قدر الإمكان. ولهذا رأينا من باب المسؤوليّة الإنسانيّة والوطنيّة أن نطلق هذا المشروع المشترك بين كلّيّة سخنين الأكاديميّة وجمعيّة أشواق الربيع، آملين أن تكون هذه النصوص نوعًا من أنواع المرافقة الروحانيّة الميدانيّة، التي ترافق أولادنا والمحيطين بهم، وتفتح لهم مجالًا لكشف مشاعرهم والتغلّب على مخاوفهم تجاه التجربة التي يعيشونها.”.
استهلّت فقرات اليوم الدراسيّ بمحاضرة قيّمة وغنيّة قدّمتها د. شيفرا آش، رئيسة قسم الدم وأورام الأطفال في مستشفى رمبام في حيفا، وتناولت خلالها معلومات حول سرطان الأطفال، طرق العلاج، نسب الشفاء والوفاة، تفشّي المرض، مدى انتشاره في أوساط الأطفال، الخ… واختتمت محاضرتها بفتح باب الأسئلة أمام الحضور.
تلتها محاضرة قدّمتها السّيدة هدى عبّاس، مربية ومعالجة في قسم الدم وأورام الأطفال في مشفى رمبام، تحدّثت فيها عن عملها مع الأطفال مرضى السرطان ومرافقتهم من خلال “البيبلوترابيا” أو “العلاج بالأدب”، متطرقة الى العوامل النفسيّة المؤثرة على الطفل وكيف يمكن لـ “البيبلوترابيا” أن يساهم كعلاج داعم في رحلة العلاج والشفاء.
من الفقرات المؤثرة التي اضفت رونقًا خاصًا لليوم الدراسي، كانت قراءة مقتطفات من كتاب “رحلتي مع الأمل” مع الطفلة “زينب”، وهي طفلة مريضة بالسرطان، واجهت المرض بابتسامتها الرقيقة وبشجاعة واقبال رائعين على الحياة.
ثم اعتلى المنصّة السيّدة عدنان عطالله، مدير جمعيّة أشواق “الربيع”، الذي عبّر عن فخره بزينب، احدى أطفال الجمعية، ثم تحدّث عن ولادة فكرة “أشواق الربيع”، اول جمعية عربية تُعنى بالأطفال مرضى السرطان، والتي كانت من تجربة شخصيّة بعد إصابة ابنه بسرطان الدم “اللوكيميا”. وقدّم السيّد عطالله شرحًا وافيًا عن عمل الجمعية، مشاريعها، الرحلات العلاجية، والتعاون مع كلّية سخنين من أجل إخراج كتاب “رحلتي مع الأمل” إلى النور.
زاد اليوم الدراسيّ روعة وتميّزًا بقصّة ملهمة سردتها الشابّة أماني فارس من الرامة، وهي مركّزة مشروع “خصلة أمل” في جمعيّة “أشواق الربيع”.
أماني عاشت تجربة سرطان الأطفال بعد اكتشاف مرضها في عام 2015، واجهته بكل شجاعة وقوة رغم الخوف والانكار والضياع في البداية. وتقول أماني:” شعري كان نقطة ضعفي في حينه، عندما علمت أنّي سأخسره بسبب العلاج الكيماوي جُنّ جنوني ورفضت العلاج، لاحقًا وبعد بدء رحلتي في المستشفى قررت أن أحارب من أجل حياتي حتى لو خسرت شعري لفترة من الزمن.. اليوم أنا هنا معكم بكامل صحتي وقوتي ومع شعري الجميل أيضًا، أشارككم قصّتي وأعمل بكل فخر في جمعية “أشواق الربيع”، بمشروع “خصلة أمل” اومن خلاله نقوم بفعاليات وحملات تبرع بالشعر من أجل صناعة شعر مستعار “باروكة” للطفلات مريضات السرطان”.
لاحقًا، قدّمت العاملة الاجتماعية الجماهيرية رندة سرحان محاضرة حول الورشات العلاجية في مشروع “رحلة الأحلام” التابع لجمعية “أشواق الربيع”، تأثيرها على نفسيات الأطفال، تفاعلهم خلالها، والبيئة المريحة والحاضنة التي تخلقها هذه الورشات والرحلات للأطفال المرضى.
اختتمت محاضرات هذا اليوم الدراسيّ د. كوثر جابر قسّوم، التي أمتعت الحضور بمداخلة “رحلة الرحلة” التي تحدّثت من خلالها الى التحدّيات في مسيرة إعداد وتحرير “رحلتي مع الأمل”، وتطرّقت أيضًا الى أدب الأطفال وخصوصيّته.
وأعربت د. كوثر عن تقديرها وامتنانها للكتّاب والرسّامات الذين تتطوعوا بكل حبّ وعطاء لإتمام هذا الكتاب، وقدّمت الشكر باسمها وباسم كلّية سخنين لكل من ساهم في رحلة “رحلتي مع الأمل”.
أخيرًا، تمّ تكريم الكتّاب والرسّامات المشاركين في العمل ومنحهم دروع تقدير وبدورهم شكروا الحضور وكلّية سخنين الأكاديميّة وجمعية “أشواق الربيع” على هذه الفرصة الفريدة.
ولخّص البروفيسور فيصل عزايزة فعاليات اليوم الدراسيّ بكلمة مقتضبة، شدد من خلالها على “أهمية تعزيز الشراكات، وتداخل وتقاطع العلوم والوظائف والمجالات المختلفة من أجل تقدّم المجتمعات وتحضّرها ومن أجل بناء مستقبل أفضل، تمامًا كما قدّم هذا اليوم الدراسيّ نموذجًا رائعًا لتداخل الطبّ والعلم والأدب”، وأكّد ب. عزايزة على أنّ “كلّية سخنين الأكاديميّة مستمرة في العمل على بناء جسور، تأهيل طلاب، تطوير وتعزيز العلمي من خلال نشاطات ومشاريع عديدة ومتنوّعة”.