الرئيسيةاخبار محليةاليوم شفاعمرو ودعت العم وأيقونة السوق القديم داوود جمال “أبو غسان”
اخبار محليةرئيسي

اليوم شفاعمرو ودعت العم وأيقونة السوق القديم داوود جمال “أبو غسان”

حسين الشاعر
ودعت شفاعمرو عصر اليوم العم داوود الجمال أبي غسان بحضور حشد كبير من أهالي شفاعمرو والمنطقة.
وكنت قد التقيتُ به عشرات المرات منذ نعومة أظفاري بصحبة والدي وحتى أيامه الأخيرة وأجريت معه عدة لقاءات حول تاريخ السوق وبقاءه في دكانه العامر حتى الأشهر الأخيرة من حياته، وهو بحد ذاته تاريخ ورواية وعنوان لكل شفاعمري وحتى خارجها، واليوم يودعنا بصمت ولكنه ترك أرث تاريخي وثقافي ورمز لشفاعمرو وللسوق القديم الذي كان عصبة المدينة في الفترات الذهبية للسوق.


مارس العم أبا غسان مهنة الاسكافي، لما يزيد عن سبعين عامًا في دكانه الصغير في سوق البلد، المحاط بدكاكين أُغلقت أبوابها منذ زمن وغاب عنها تجارها. إلى جانب الدكاكين الخالية أصرَّ أبا غسان أن يفتح دكانه صباح كل يوم، يجلس على كرسيه ويحرك آلة الخياطة ويحرك معها عجلة الذاكرة ويحيكها، فيتذكر أيام كان فيها السوق مركز المشهد التجاري، وأصدقاء رحلت.
وكان يحدثني عن حياته الغنية بالتحديات، ولد داوود جمال عام 1932 لعائلة تعود جذورها الى جنوب لبنان، عمل في مطلع شبابه ميكانيكيًا في حيفا، وذلك بالرغم من شغفه بالتعلم الذي لم يكن بمقدور والديه تمويله، لكنه سرعان ما غادر المدينة أثر هجوم للقوات الصهيونية بالقرب من مكان عمله. فما كان أمامه إلا أن يعود للبلدة ويتعلم أسس المهنة من والده. فمنذ أن بلغ ستة عشر عامًا وهو يمارس المهنة ذاتها. أما بعد أن هجرت المصالح التجاريّة السوق، وبعد أن بقي أخر من يعمل في السوق.
أصبح، من دون أن يدرك ربما، رمزًا ومرجعًا لكل من يريد أن يزداد علمًا ومعرفة بتاريخ السوق وتجاره، وتاريخ البلدة والقرى التي كانت، وهجّر أهلها منها وغيّبت ملامحها عن عيوننا، فالكلام يسيل منه بسلاسة مصبوغًا بحسه الفكاهي. فأنت آرثٌ لهذه المدينة وتشرفت نهاية العام الماضي بتقديمه كما يليق به في حفل التكريم، وللعائلة نقول: سيبقى أسمه شامخ وسلامة أعماركم ونرجو لكم الصبر والسلوان .